We are thrilled to post a debut story by Eman AlRaesi for our theme “Masks” which blew our minds. Enjoy
الافتتاحية
جمانة فتاة مراهقة شاحبة اللون و ضعيفة البنية، قليلا ما تخرج من غرفتها. تفضل قضاء معظم وقتها بجانب نافذة شرفتها تتأمل وردة الجهنمية و قد بدأت اغصانها بتسلق الجدار و وصلت لشرفتها. منذ وعت جمانة على الدنيا و هي تتذكر نفسها كالنصف المريض، على عكس شقيقتها التوأم جهنمية المليئة بالحيوية و الاندفاع. بسبب مرضها توقفت جمانة عن الذهاب الى المدرسة، اما شقيقتها فقد استمرت بالذهاب و هي فسنتها الاخيرة و تستعد لدخول الجامعة. كل من الشقيقتين لديها غرفتها الخاصة، كما ان لكل منهما اهتماماتها و ميولها. جمانة تحب الرسم و القراءة، فيما تقضل جهنمية الخروج و قضاء الوقت مع صديقاتها. من النادر ان تتواجد الشقيقتان معا في مكان واحد، تلتقيان عندما تاتي جهنمية لرؤية اختها و هي في غرفتها.
الاصدقاء
استطاعت جهنمية بعد طول عناء ان تقنع بجمانة بالخروج معها و ملاقاة بعض الصديقات من المدرسة، طلبت جمانة من والدتها ان تقوم بايصالهم. جمانة تجلس بالمقعد الامامي بجانب والدتها، جهنمية بالمقعد الخلفي خلفها تماما. مكان اللقاء كان احد المراكز التجارية، جمانة كانت تحس بالخجل لانه قد مرت فترة طويلة منذ خرجت من المنزل. من بعيد استطاعت جمانة ان تتعرف على شلة صديقات جهنمية، اختها تخبرها بكل التفاصيل المتعلقة بمدرستها و صديقاتها لدرجة ان جمانة تحس احيانا بانها تذهب معها للمدرسة و بانها تعرف صديقاتها شخصيا. الصديقات سررن لرؤية جهنمية و تسابقن للسلام عليها، جمانة كانت تقف بعيدا و تراقب الموقف. احست بنفسها انها دخيلة و فضلت الانسحاب بدون ان تلاحظها اختها، قامت بالاتصال بوالدتها و تظاهرت بالتعب حتى لا تثير شكوكها. عادت للمنزل و حبست نفسها في غرفتها، هي تعلم بان جهنمية لن تعود قبل المساء.
الهدية
دخلت جهنمية لغرفة جمانة بعد يوم تسوق طويل و حافل، كانت تحمل بيدها كيس احد محلات الاثاث الشهيرة. جمانة كانت جالسة على سرسرها كعادتها تقرا احدى الروايات الكثيرة التي في غرفتها.
جهنمية: “احضرت لك هذه الهدية”.
جمانة: “ما هي؟”
جهنمية: “مرايا مختلفة الاحجام”
جمانة: ” و لكن لم المرايا؟ “
جهنمية: ” لأن غرفتك خالية منها”
تقترب جهنمية من اختها و تضع يدها على كتفها بحنان و تنظر الى عينيها: ” اريدك ان تهتمي بنفسك اكثر لذلك اتمنى ان تقبلي هديتي” . تقبل جمانة الهدية على مضض و هي في نيتها ان لا تعلق المرايا.
جهنمية: ” ما كان يجب عليك الرحيل بهذه الطريقة”
جمانة: ” ولكن هن صديقاتك انت و لسن صديقاتي”
جهنمية: ” كان بامكانك التعرف عليهن و سيصبحن صديقاتك انت ايضا”
جمانة لا ترد على شقيقتها و جهنمية تترك الغرفة.
مشهد المرايا
قامت جمانة بصف المرايا على سريرها و اخذت تنظر لنفسها. ما راته امامها هو فتاة شاحبة قد انهكها المرض ، فتاة لا تستطيع مجاراة الاخريات في العالم الحقيقي. هي تعيش في عالمها الخاص لتحمي نفسها، حتى لو حاولت الخروج من عزلتها فمالذي يضمن لها ان العالم سوف يتقبلها؟
هنا تذكرت شقيقتها جهنمية التي تحب الحياة، كيف على الرغم من انهما شقيقتان توام لكنهما مختلفتان تماما. واحدة مريضة و انطوائية، الاخرى بكامل صحتها و مليئة بالحياة. فتح باب الغرفة و دخلت جهنمية، نظرت للمرايا و لشقيقتها.
جهنمية: ” ارى انك قررت اخيرا تعليق المرايا”
جمانة: ” ليس لدي نية بذلك”
جهنمية: ” اذا لم المرايا على سرسرك و تنظرين اليها”
جمانة: ” لكي احطمها”
و في ثورة غضب قامت جمانة بتحطيم كل المرايا على سريرها، مالفائدة من النظر لنفسك ان كنت شبحا و شبه انسان؟ جهنمية لم تحاول منع شقيقتها من تحطيم المرايا، و يبدو بانها غادرت الغرفة لانها لم تكن موجودة عندما نظرت جمانة حولها. احست جمانة بالوحدة الشديدة، حتى شقيقتها لم تهتم بالمها و تركتها تاذي نفسها و لم تحاول منعها. نظرت ليديها الملطختين بالدماء, منظر الدماء اوحى لها بفكرة لتنهي كافة احزانها.
الام تسمع اصوات بالاعلى و تسرع لغرفة جمانة التي كانت مصدر الصوت، فتحت الام الباب لتفاجأ ببركة دماء و بجمانة فاقدة للوعي. اسرعت الام بنقل ابنتها للمستشفى، يبدو ان جمانة لم تنج في اتمام مهمتها. تمكن الاطباء من انقاذها, و بقيت هي فاقدة للوعي لا تدري الى اين الت الامور.
جهنمية
كان يجب ان تموت هي لاحيا انا، الحياة كانت مستحيلة بوجودنا نحن الاثنتين معا. حبستني بداخلها و لم تسمح لنا بالتعايش معا، حتى عندما حاولت التقرب منها كانت هي تصدني. هي من قررت انهاء حياتها بنفسها، لذا كان علي الانسحاب و تركها. الان فقط استطيع ان اعيش الحياة التي حرمتني منها، هذا الجسد بحاجة لانسان يعيش به و ليس بقايا انسان.
ما بعد النهاية
جمانة و جهنمية هما وجهان لعملة واحدة، شخصيتان لفتاة واحدة . فالصباح و في المدرسة جمانة فتاة عادية و تعيش حياة طبيعية، لكن ما ان تدخل غرفتها حتى يبدا الصراع بداخلها. تحاول شخصية جهنمية الخروج، عندها تسيطر على جمانة التي تظهر استسلامها لشخصيتها الاقوى. السبب هو عقدة الذنب التي تعيشها جمانة، لان اختها التوام توفيت فور ولادتهما. ظلت هذه الاخت تعيش في خيال جمانة، كما ظلت تعذبها و تحسسها بالذنب لانها من ماتت بينما عاشت جمانة.
Author: Eman AlRaesi